أجاثا كريستي أو أجاثا ميري كلاريسا وتعرف أيضا السيدة مالوان، هي كاتبة إنجليزية اشتهرت بكتابة الروايات البوليسية لكنها أيضا كتبت روايات رومانسية باسم مستعار هو ماري ويستماكوت تعد أعظم مؤلفة روايات بوليسية في التاريخ حيث بيعت أكثر من مليار نسخة من رواياتها التي ترجمت لأكثر من 103 لغات.
ولدت أجاثا كريستي Agatha Christie في (Torquay, Devon) عام 1890 من أب أمريكي وأم انجليزيه، عاشت في بلدة (ساوباولو) معظم طفولتها، تقول عن نفسها: إنني قضيت طفولة مشردةإلى أقصى درجات السعادة، تكاد تكون خالية من أعباء الدروس الخصوصية، فكان لي متسع من الوقت لكي أتجول في حديقة الازهارالواسعة وأسيح مع الاسماك ماشاء لي الهوى.!!وقد أتاح لها زواجها هذا أن تزور معظم بلاد الشرق الأدنى والأعلى، فتجولت في بلاد الشام العراق ومصر وبلاد فارس...الخ، ووفَّر لها هذا التجوال فرصاً ممتازة لكتابة أجمل رواياتها وقصصها المليئة بالأسرار، المفعمة بالغموض، المعتمدة ليس على مواقع الحدث في بلاد الشرق الساحرة فقط وإنما على خيال الكاتبة الجامح، أيضاً ولغتها المتدفقة السيالة وقدرتها الفريدة على ابتكار الشخصيات الغامضة والمثيرة وتحريكها عبر الرواية باتجاهات مختلفة تُذهل القارئ.!! بل تشدَّه وتدهشه.!! ومثلما ابتكر (السير آرثر كونان دويل) شخصية (شرلوك هولمز) وزميله (الدكتور واتسون) كذلك نحتت أجاثا كريستي شخصيات المفتش (هركول بوارو) والكولونيل (بريس) و(مس جين ماربل Miss Marple)...
ولعل الاستقرار العائلي الذي أتاحه لها زواجها من (مالوان) ـ فضلاً عن عوامل أخرى ـ كان من أسباب استقرارها النفسي والفكري ممَّا هيأ فرص الكتابة والإنتاج الأدبي حتَّى وهي ترافق زوجها في إقامته بالمواقع الأثرية. يقول (ماكس مالوان) في مذكراته عن طقوس الكتابة لدى زوجته "شيدنا لأجاثا حجرة صغيرة في نهاية البيت(1) كانت تجلس فيها من الصباح وتكتب رواياتها بسرعة وتطبعها بالآلة الكاتبة مباشرة، وقد ألَّفت ما يزيد على ست روايات بتلك الطريقة موسماً بعد آخر..." ومن المفيد أن نذكر أن كريستي كانت قد انضمت رسمياً إلى بعثة التنقيب البريطانية في نينوى شمال العراق برئاسة (الدكتور تومسن كامبل) ثمَّ إلى بعثة الأربجية عام 1932 برئاسة زوجها. وكانت فضلاً عن جهدها التنقيبي، تجد الوقت الكافي للكتابة..!! حتَّى أنه حين لا يتوفر لها السكن في الموقع الأثري، تنصب لها خيمة خاصة بعيداً قليلاً عن ضجيج الحفر تعمد إلى كتابة رواياتها وقصصها داخلها...
لطالما ردَّدت هذه الكاتبة، أن أعظم متعة يحس بها المؤلف هي اختراع الحبكاتِ..!! ففي قصصها ورواياتها كما في مسرحياتها نجد ذلك (الكم) الهائل من (الألغاز) و(الحبكات الغامضة) سواء كان ذلك في البناء القصصي أو المعمار الدرامي أو في الحوار أو الشخصيات، بل حتَّى في اختيار مواقع الأحداث التي غالباً ما تكون مشوقة: مواقع أثرية، مدن شرقية، معابد، قصور ذات طابع، فنادق مميزة، قطارات أو طائرات، مضايق صحارى مقطوعة، أنهار لها تاريخ... الخ، وفي العادة تلجأ الكاتبة إلى تكنيك قصصي يستند إلى (الحيلة أو الخدعة) كأسلوب إثارة وتشويق مفعم بالغموض، محرك لخيالها الخصب...، يستدرج لغتها السيالة الانسيابية في تيار متصل من السرد النثري المجرد والمتصف أحياناً بالأطناب والإطالة، ولكي تبعد الملل عن القارئ تعمد إلى إقحام بعض الألغاز والرموز التي تحتمل التأويلات والتفسيرات المتضادة في آن معاً، وبذلك تشد القارئ إلى متابعة الحدث دون أن تبتعد به عن المحور الأساسي للبناء الدرامي الذي خططت له بإتقان، لكي لا يخرج عملها مسطحاً فجاً.!!
وفي حالات قليلة تعمد إلى إدخال واقعة من حياتها في رواية أو قصة بعد إجراء تمويه يضيع فرصة الكشف عن حقيقتها..، من ذلك ما أشار إليه (مالوان) في مذكراته فيما يخص رواية (التجويف) الممسرحة، يقول "وهناك إشارة ترتبط بحدث في حياتي أود أن أذكرها، يقول سير هنري في الرواية: ((هل تتذكرين يا عزيزتي أولئك الأشقياء الذين هاجمونا في ذلك اليوم في الجانب الآسيوي من البسفور.؟ كنت أصارع اثنين منهم كانا يحاولان قتلي، وما الذي فعلته لوسي.؟ أطلقت رصاصتين، لم أكن أعرف أنه لديها مسدس... كانت أصعب نجاة في حياتي..)) هذه حكاية حقيقية والفرق الوحيد أن أجاثا على خلاف الليدي انكاتيل في الرواية كانت قد سلَّحت نفسها ليس بمسدس بل بصخرة مدورة "لم تأخذ أجاثا كريستي كروائية بوليسية، أحداث رواياتها من سجلات الشرطة، أو المحاكم، كما فعل غيرها من كتَّاب الرواية البوليسية أمثال روايات (مع سبق الإصرار والترصّد) ترومان كابوت 1967 و(أغنية الجلاد) نورمان ميللر 1979 و(إني اتهم) غراهام غرين 1981 و(جرائم قتل في أطلنطا) جيمس بولدوين 1985 وكذلك قصص سومرست موم المختلفة.
ثمَّة منهج مميز للكاتبة، أنها تبتعد عن التأويل الرمزي للحدث ومنح القارئ متعة الوصول إلى التأويل الواقعي وفك طلاسم الغموض والغوص في بحر التشابك الساحر لعلاقات شخوص الرواية ببعضهم من جهة وبالحدث من جهة أخرى، وتضع الجميع: القارئ والحدث وأبطال الرواية تحت رهبة قدسية المكان الذي اختارته مسرحاً لأحداثها وغالباً ما يكون هذا الموقع كما ذكرنا أسطورياً ساحراً.!! وميزة أخرى: أنها تحرك أبطالها وشخوصها وفق صيغ دراماتيكية مزدحمة بالخلفيات والتفاصيل، وتتصاعد حرارة الأحداث لتصدم القارئ بنهايات مفجعة، بيد أن الكاتبة تقدم تراجيديا الفجيعة على أنها حدث عابر يتقبله القارئ المستمتع على أنه أمر لابدَّ منه..!! هكذا هي الحياة برأي أجاثا كريستي... تيار جارف متصل مفعم بالتفاصيل والمفردات لا تتوقف لانتظار أحد أو للحزن عليه، وكأنما بذلك تنبأت بنهاياتها، هكذا كان رحيلها يوم 12 كانون الثاني 1976، يقول (مالوان): عندما وصلت إلى الصفحات الأخيرة من هذه المذكرات توفيت عزيزتي أجاثا بسلام بينما كنت أدفع كرسيها ذي العجلات إلى حجرة الجلوس بعد تناول طعام الغذاء... لا يعرف سوى القليلين معنى العيش بانسجام بجانب ذهن واسع الخيال مبدع يلهم الحياة بالحيوية... لقد كانت أجاثا كريستي، روائية مدهشة حقاً، امتلكت لغتها وأسلوبها وطريقتها في بناء الرواية، واحتفظت بذاكرة قوية تخدم تعاقب الأحداث في رواياتها وقصصها وتتفنن في تحريك أبطالها وفق السياق الدرامي الذي اختارته لكل رواية... وقد استخدمت الألغاز والخرافات والحقائق التاريخية أو المعاصرة على حد سواء وبنفس الدرجة من الوضوح أو الغموض..!!.
وقد تربعت أجاثا كريستي على عرش الرواية البوليسية الإنكليزية طوال نصف قرن دون مزاحمة.
ولدت أجاثا كريستي Agatha Christie في (Torquay, Devon) عام 1890 من أب أمريكي وأم انجليزيه، عاشت في بلدة (ساوباولو) معظم طفولتها، تقول عن نفسها: إنني قضيت طفولة مشردةإلى أقصى درجات السعادة، تكاد تكون خالية من أعباء الدروس الخصوصية، فكان لي متسع من الوقت لكي أتجول في حديقة الازهارالواسعة وأسيح مع الاسماك ماشاء لي الهوى.!!وقد أتاح لها زواجها هذا أن تزور معظم بلاد الشرق الأدنى والأعلى، فتجولت في بلاد الشام العراق ومصر وبلاد فارس...الخ، ووفَّر لها هذا التجوال فرصاً ممتازة لكتابة أجمل رواياتها وقصصها المليئة بالأسرار، المفعمة بالغموض، المعتمدة ليس على مواقع الحدث في بلاد الشرق الساحرة فقط وإنما على خيال الكاتبة الجامح، أيضاً ولغتها المتدفقة السيالة وقدرتها الفريدة على ابتكار الشخصيات الغامضة والمثيرة وتحريكها عبر الرواية باتجاهات مختلفة تُذهل القارئ.!! بل تشدَّه وتدهشه.!! ومثلما ابتكر (السير آرثر كونان دويل) شخصية (شرلوك هولمز) وزميله (الدكتور واتسون) كذلك نحتت أجاثا كريستي شخصيات المفتش (هركول بوارو) والكولونيل (بريس) و(مس جين ماربل Miss Marple)...
ولعل الاستقرار العائلي الذي أتاحه لها زواجها من (مالوان) ـ فضلاً عن عوامل أخرى ـ كان من أسباب استقرارها النفسي والفكري ممَّا هيأ فرص الكتابة والإنتاج الأدبي حتَّى وهي ترافق زوجها في إقامته بالمواقع الأثرية. يقول (ماكس مالوان) في مذكراته عن طقوس الكتابة لدى زوجته "شيدنا لأجاثا حجرة صغيرة في نهاية البيت(1) كانت تجلس فيها من الصباح وتكتب رواياتها بسرعة وتطبعها بالآلة الكاتبة مباشرة، وقد ألَّفت ما يزيد على ست روايات بتلك الطريقة موسماً بعد آخر..." ومن المفيد أن نذكر أن كريستي كانت قد انضمت رسمياً إلى بعثة التنقيب البريطانية في نينوى شمال العراق برئاسة (الدكتور تومسن كامبل) ثمَّ إلى بعثة الأربجية عام 1932 برئاسة زوجها. وكانت فضلاً عن جهدها التنقيبي، تجد الوقت الكافي للكتابة..!! حتَّى أنه حين لا يتوفر لها السكن في الموقع الأثري، تنصب لها خيمة خاصة بعيداً قليلاً عن ضجيج الحفر تعمد إلى كتابة رواياتها وقصصها داخلها...
لطالما ردَّدت هذه الكاتبة، أن أعظم متعة يحس بها المؤلف هي اختراع الحبكاتِ..!! ففي قصصها ورواياتها كما في مسرحياتها نجد ذلك (الكم) الهائل من (الألغاز) و(الحبكات الغامضة) سواء كان ذلك في البناء القصصي أو المعمار الدرامي أو في الحوار أو الشخصيات، بل حتَّى في اختيار مواقع الأحداث التي غالباً ما تكون مشوقة: مواقع أثرية، مدن شرقية، معابد، قصور ذات طابع، فنادق مميزة، قطارات أو طائرات، مضايق صحارى مقطوعة، أنهار لها تاريخ... الخ، وفي العادة تلجأ الكاتبة إلى تكنيك قصصي يستند إلى (الحيلة أو الخدعة) كأسلوب إثارة وتشويق مفعم بالغموض، محرك لخيالها الخصب...، يستدرج لغتها السيالة الانسيابية في تيار متصل من السرد النثري المجرد والمتصف أحياناً بالأطناب والإطالة، ولكي تبعد الملل عن القارئ تعمد إلى إقحام بعض الألغاز والرموز التي تحتمل التأويلات والتفسيرات المتضادة في آن معاً، وبذلك تشد القارئ إلى متابعة الحدث دون أن تبتعد به عن المحور الأساسي للبناء الدرامي الذي خططت له بإتقان، لكي لا يخرج عملها مسطحاً فجاً.!!
وفي حالات قليلة تعمد إلى إدخال واقعة من حياتها في رواية أو قصة بعد إجراء تمويه يضيع فرصة الكشف عن حقيقتها..، من ذلك ما أشار إليه (مالوان) في مذكراته فيما يخص رواية (التجويف) الممسرحة، يقول "وهناك إشارة ترتبط بحدث في حياتي أود أن أذكرها، يقول سير هنري في الرواية: ((هل تتذكرين يا عزيزتي أولئك الأشقياء الذين هاجمونا في ذلك اليوم في الجانب الآسيوي من البسفور.؟ كنت أصارع اثنين منهم كانا يحاولان قتلي، وما الذي فعلته لوسي.؟ أطلقت رصاصتين، لم أكن أعرف أنه لديها مسدس... كانت أصعب نجاة في حياتي..)) هذه حكاية حقيقية والفرق الوحيد أن أجاثا على خلاف الليدي انكاتيل في الرواية كانت قد سلَّحت نفسها ليس بمسدس بل بصخرة مدورة "لم تأخذ أجاثا كريستي كروائية بوليسية، أحداث رواياتها من سجلات الشرطة، أو المحاكم، كما فعل غيرها من كتَّاب الرواية البوليسية أمثال روايات (مع سبق الإصرار والترصّد) ترومان كابوت 1967 و(أغنية الجلاد) نورمان ميللر 1979 و(إني اتهم) غراهام غرين 1981 و(جرائم قتل في أطلنطا) جيمس بولدوين 1985 وكذلك قصص سومرست موم المختلفة.
ثمَّة منهج مميز للكاتبة، أنها تبتعد عن التأويل الرمزي للحدث ومنح القارئ متعة الوصول إلى التأويل الواقعي وفك طلاسم الغموض والغوص في بحر التشابك الساحر لعلاقات شخوص الرواية ببعضهم من جهة وبالحدث من جهة أخرى، وتضع الجميع: القارئ والحدث وأبطال الرواية تحت رهبة قدسية المكان الذي اختارته مسرحاً لأحداثها وغالباً ما يكون هذا الموقع كما ذكرنا أسطورياً ساحراً.!! وميزة أخرى: أنها تحرك أبطالها وشخوصها وفق صيغ دراماتيكية مزدحمة بالخلفيات والتفاصيل، وتتصاعد حرارة الأحداث لتصدم القارئ بنهايات مفجعة، بيد أن الكاتبة تقدم تراجيديا الفجيعة على أنها حدث عابر يتقبله القارئ المستمتع على أنه أمر لابدَّ منه..!! هكذا هي الحياة برأي أجاثا كريستي... تيار جارف متصل مفعم بالتفاصيل والمفردات لا تتوقف لانتظار أحد أو للحزن عليه، وكأنما بذلك تنبأت بنهاياتها، هكذا كان رحيلها يوم 12 كانون الثاني 1976، يقول (مالوان): عندما وصلت إلى الصفحات الأخيرة من هذه المذكرات توفيت عزيزتي أجاثا بسلام بينما كنت أدفع كرسيها ذي العجلات إلى حجرة الجلوس بعد تناول طعام الغذاء... لا يعرف سوى القليلين معنى العيش بانسجام بجانب ذهن واسع الخيال مبدع يلهم الحياة بالحيوية... لقد كانت أجاثا كريستي، روائية مدهشة حقاً، امتلكت لغتها وأسلوبها وطريقتها في بناء الرواية، واحتفظت بذاكرة قوية تخدم تعاقب الأحداث في رواياتها وقصصها وتتفنن في تحريك أبطالها وفق السياق الدرامي الذي اختارته لكل رواية... وقد استخدمت الألغاز والخرافات والحقائق التاريخية أو المعاصرة على حد سواء وبنفس الدرجة من الوضوح أو الغموض..!!.
وقد تربعت أجاثا كريستي على عرش الرواية البوليسية الإنكليزية طوال نصف قرن دون مزاحمة.